في البداية دعونا نتفق علي شيءٍ شديد الأهمية: لو لم يستطع محبو البرمجيات الحرة اختراق عالم المال و التجارة عن طريق البرمجيات الحرة فما كانوا ليستطيعوا الصمود طويلاً في وجه منافسيهم؛ فالعالم التجاري معناه تدفق الأموال التي ستدعم المشاريع الحرة، و بالتالي يستطيع المُشارِكون فيها أن يتفرغوا تماماً لعملية التطوير، و كذلك تعني القدرة علي عمل الدعاية الكافية لجمع المزيد من أهل الخبرة للاشتراك في بناء برمجياتهم الحرة و تطويرها (سواءً كهوايةٍ أو كعملٍ ينالون عليه أجراً).
هنا نتساءل: هل تنبه ستولمان لهذه النقطة حينما بدأ الدعوة لحركته الجديدة ؟
و الجواب أن ستولمان كان "حويطاً" بالفعل، و تنبه لهذه النقطة و تحدث عنها و عن كيفية الاستفادة من البرمجيات الحرة في المجال التجاري، حيث أنه في خاتمة "بيان قِنُو GNU manifesto" كان هناك فصلٌ يتحدث عن هذه المسألة بالتحديد، و قد استرعي هذا الأمر انتباه البعض من محبي البرمجيات الحرة و دفعهم إلي أن يُمحِّصوا الأمر جيداً، ثم تركَّز فكرهم علي أمرٍ معينٍ يمكن به الاستفادة من التمدد المتسع لها (و علي رأسها توليفة "قنو/لينوكس")، لذا قام John Gilmore و Michael Tiemann و David Henkel-Wallace في عام 1989م ببناء شركةٍ تقوم بأعمال الصيانة و الاستشارة فيما يخص البرمجيات الحرة، لخدمة الشركات التي ترغب في الحصول علي مثل تلك الخدمات (و كان اسم شركتهم الجديدة "cygnus"، و يحتوي علي كلمة gnu داخله لأنهم حرصوا علي هذا عند اختيار الاسم)،
هنا نتساءل: هل تنبه ستولمان لهذه النقطة حينما بدأ الدعوة لحركته الجديدة ؟
و الجواب أن ستولمان كان "حويطاً" بالفعل، و تنبه لهذه النقطة و تحدث عنها و عن كيفية الاستفادة من البرمجيات الحرة في المجال التجاري، حيث أنه في خاتمة "بيان قِنُو GNU manifesto" كان هناك فصلٌ يتحدث عن هذه المسألة بالتحديد، و قد استرعي هذا الأمر انتباه البعض من محبي البرمجيات الحرة و دفعهم إلي أن يُمحِّصوا الأمر جيداً، ثم تركَّز فكرهم علي أمرٍ معينٍ يمكن به الاستفادة من التمدد المتسع لها (و علي رأسها توليفة "قنو/لينوكس")، لذا قام John Gilmore و Michael Tiemann و David Henkel-Wallace في عام 1989م ببناء شركةٍ تقوم بأعمال الصيانة و الاستشارة فيما يخص البرمجيات الحرة، لخدمة الشركات التي ترغب في الحصول علي مثل تلك الخدمات (و كان اسم شركتهم الجديدة "cygnus"، و يحتوي علي كلمة gnu داخله لأنهم حرصوا علي هذا عند اختيار الاسم)،
فحيث أن البرمجيات الحرة ليس لها مالكٌ بالمعني المُتعارف عليه في العالم التجاري، و حيث أنه في الشركات التي تستخدم البرمجيات الحرة سيكون تخصيص قِسمٍ للصيانة و المُتابعة لكل البرمجيات غير ممكنٍ عملياً: فقد أدي هذا إلي سهولة وجود منافسةٍ في خدمات الصيانة و الاستشارة، علي العكس من عالم البرمجيات المغلقة المصدر؛ حيث أنه في الحالة الأخيرة لا يمكن الحصول علي دعمٍ فنيٍ قويٍ إلا من الشركة المالكة، و من السخرية أن الشركات المالكة للبرمجيات الشهيرة قد تكون خدمة العملاء و الصيانة بها سيئةً للغاية؛ نظراً لعدم قدرتها علي تلبية احتياجات القاعدة الواسعة جداً من مستخدمي برمجياتها !
المهم أنه بوجود شركة cygnus علي الساحة أصبح من الممكن لكثيرٍ من الشركات أن تعتمد علي البرمجيات الحرة في عملها، مطمئنةً إلي وجود من يمكنه تقديم الدعم الفني لها إذا رغبت في ذلك. و كانت هذه خطوةً هامةً للغاية في تاريخ البرمجيات الحرة.
كانت الدفعة العملاقة الأخري لتوليفة القِنُو/لِينُوكس هي ظهور شبكة الإنترنت للعامة و انتشارها الواسع، و ظهور برنامج "خادم إنترنت أباتشي apache web server" لنظام اليُنِكس و شبيهاته (أعني الأنظمة التي تُوصف بأنها unix-like و من ضمنها القِنُو/لِينُكْس)؛ فنظراً لتفوق خادم الأباتشي علي منافسيه و احتلاله لعرش فئته من البرمجيات: فقد أصبح استخدام توليفة "أباتشي/قِنُو/لِينُكْس" هو الخيار المفضل لمن يرغب في بناء شركة استضافةٍ علي الإنترنت بدلاً من توليفة "IIS/windows"؛ و ذلك بسبب الفرق في القوة و الاستقرار و الأمن بين التوليفتين، بالإضافة إلي فارق السعر بطبيعة الحال.
و ظهرت توليفةٌ جديدةٌ من البرمجيات تُسمَّي LAMP، و هي حزمةٌ لتطوير التطبيقات للشبكة تحتوي علي:
- توليفة برمجيات قِنُو/ لِينُكْس،
- خادم أباتشي،
- قاعدة البيانات MySQL،
- لغات البرمجة PHP و perl و python،
بالإضافة إلي ذلك فقد كانت هناك دفعةٌ عملاقةٌ أخري، حيث ظهرت إمكانية الاستغلال التجاري لعملية "صنع توزيعةٍ جيدة البناء سهلة التنصيب" لبرمجيات قِنُو و نواة اللينُكْس، بحيث يصبح من السهل علي من يرغب في تنصيبها أن يفعل ذلك، و يمكن الاستفادة مادياً عن طريق الخدمات السابقة و اللاحقة للتنصيب.
(معني كلمة "توزيعة": أي نظام تشغيلٍ يتكون من نواة اللينُكْس + أدوات مشروع قِنُو + واجهة مرئية للمستخدم (النوافذ و الأزرار و ما يشبههن) + بعض الأدوات و البرمجيات الخاصة بالتوزيعة لتنصيبها و التحكم في إعداداتها. أي أنها تجميعةٌ من البرمجيات الحرة التي تُكون مع بعضها البعض نظام تشغيلٍ متكامل).
و بالفعل قام كلٌ من Bob Young و Marc Ewing ببناء شركة رِدْهات redhat في عام 1993م لتصبح من أوائل الشركات التي تستثمر في مجال تقديم توزيعاتٍ متكاملةٍ متناغمةٍ من البرمجيات الحرة و من أكبرها حجماً و قوة.
و في 15 نوفمبر من عام 1999 قامت رِدْهات بالاستحواذ علي شركة cygnus سالفة الذِكر، و أصبح Michael Tiemann يشغل منصب chief technical officer في شركة Red Hat، و في عام 2008 أصبح يشغل منصب "نائب الرئيس لشؤون المصادر المفتوحة the vice president of open source affairs".
كل تلك الخطوات الضخمة علي الطريق التجاري لتوليفة الـGNU/linux كانت رداً عملياً قاسياً علي انتقادات "بِلْ قِيتس bill gates" لمن يُهاجِم النموذج التجاري للبرمجيات الذي يمكن رؤيته في شركة مايكروسوفت علي سبيل المثال؛ ففي 31 يناير من عام 1976 وجَّه بِلْ خطاباً مفتوحاً لـ homebrew computer club (و هو تجمعٌ لمحبي الحواسيب في وادي السيليكون بالولايات المتحدة، و قد أُنشِيء في منتصف سبعينيات القرن الماضي)، و تحدث بِلْ في ذلك الخطاب عن أفضلية البرمجيات المغلقة علي الحرة، و استنكر إمكانية وجود فريقٍ من المبرمجين يعمل لعدة سنواتٍ علي مشروعٍ برمجيٍ، ثم يقوم يتوثيقه بعناية، ثم يقوم بطرحه للاستخدام العام مجاناً.
و بذلك قدم النتيجة النهائية التي أراد الوصول لها، و هي أن البرمجيات الحرة "ضارةٌ بالمجتمع البرمجي"، و أن البرمجيات المغلقة هي الأمل في وجود برمجياتٍ متميزةٍ تلبي حاجة المستخدمين الذين يحتاجون إلي برمجياتٍ قويةٍ و كفؤة.
و كما قلتُ فقد كانت الخطوات التجارية هامةً جداً للتدليل العملي علي أن البرمجيات الحرة و المجال التجاري ليسا نقيضين لا يجتمعان، بل من الممكن الجمع بينهما بشكلٍ يكفل الحصول علي الفوائد العلمية و الاجتماعية المرجوة من وراء البرمجيات الحرة، و في نفس الوقت الحصول علي فوائدٍ اقتصاديةٍ تكفل لمجتمع البرمجيات الحرة التوسع و التمدد و الازدياد قوةً و طموحاً. و حينما ظهرت توزيعة ubuntu كان ذلك أمراً في غاية الأهمية، و حينما ظهرت توزيعة android (المُعدَّلة بشدةٍ لتعمل علي الأجهزة الذكية و أهمها الهواتف الذكية و الحواسيب اللوحية) كان ذلك أيضاً خطوةً فارقة، و لكننا سنتحدث عنهما (و عن غيرهما) في المرة القادمة بمشيئة الله تعالي :)
و في 15 نوفمبر من عام 1999 قامت رِدْهات بالاستحواذ علي شركة cygnus سالفة الذِكر، و أصبح Michael Tiemann يشغل منصب chief technical officer في شركة Red Hat، و في عام 2008 أصبح يشغل منصب "نائب الرئيس لشؤون المصادر المفتوحة the vice president of open source affairs".
كل تلك الخطوات الضخمة علي الطريق التجاري لتوليفة الـGNU/linux كانت رداً عملياً قاسياً علي انتقادات "بِلْ قِيتس bill gates" لمن يُهاجِم النموذج التجاري للبرمجيات الذي يمكن رؤيته في شركة مايكروسوفت علي سبيل المثال؛ ففي 31 يناير من عام 1976 وجَّه بِلْ خطاباً مفتوحاً لـ homebrew computer club (و هو تجمعٌ لمحبي الحواسيب في وادي السيليكون بالولايات المتحدة، و قد أُنشِيء في منتصف سبعينيات القرن الماضي)، و تحدث بِلْ في ذلك الخطاب عن أفضلية البرمجيات المغلقة علي الحرة، و استنكر إمكانية وجود فريقٍ من المبرمجين يعمل لعدة سنواتٍ علي مشروعٍ برمجيٍ، ثم يقوم يتوثيقه بعناية، ثم يقوم بطرحه للاستخدام العام مجاناً.
و بذلك قدم النتيجة النهائية التي أراد الوصول لها، و هي أن البرمجيات الحرة "ضارةٌ بالمجتمع البرمجي"، و أن البرمجيات المغلقة هي الأمل في وجود برمجياتٍ متميزةٍ تلبي حاجة المستخدمين الذين يحتاجون إلي برمجياتٍ قويةٍ و كفؤة.
و كما قلتُ فقد كانت الخطوات التجارية هامةً جداً للتدليل العملي علي أن البرمجيات الحرة و المجال التجاري ليسا نقيضين لا يجتمعان، بل من الممكن الجمع بينهما بشكلٍ يكفل الحصول علي الفوائد العلمية و الاجتماعية المرجوة من وراء البرمجيات الحرة، و في نفس الوقت الحصول علي فوائدٍ اقتصاديةٍ تكفل لمجتمع البرمجيات الحرة التوسع و التمدد و الازدياد قوةً و طموحاً. و حينما ظهرت توزيعة ubuntu كان ذلك أمراً في غاية الأهمية، و حينما ظهرت توزيعة android (المُعدَّلة بشدةٍ لتعمل علي الأجهزة الذكية و أهمها الهواتف الذكية و الحواسيب اللوحية) كان ذلك أيضاً خطوةً فارقة، و لكننا سنتحدث عنهما (و عن غيرهما) في المرة القادمة بمشيئة الله تعالي :)
نشأة البرمجيات مفتوحة المصدر (1):
ردحذفhttp://afkar-abo-eyas.blogspot.com/2013/02/1.html
نشأة البرمجيات مفتوحة المصدر (2):
http://afkar-abo-eyas.blogspot.com/2013/03/2.html